الأربعاء، 23 مايو 2012

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كليلة ودمنة


   
نسخة فارسية من مدينة هرات في أفغانستان تعود لعام 1429 منقولة من النسخة العربية
كليلة ودِمنة كان يسمى قبل أن يترجم إلى اللغة العربية باسم الفصول الخمسة وهي مجموعة قصص ذات طابع يرتبط بالحكمة والأخلاق يرجح أنها تعود لأصول هندية مكتوب بالسنكسريتية وهي قصة الفيلسوف بيديا، و قصص عبارة عن قصة إطارية.

 فحوى الكتاب

ويُجمع الباحثون علي أن الكتاب هندي الأصل، صنَّفه البراهما وِشنو باللغة السنسكريتيّة في أواخر القرن الرابع الميلاديّ، وأسماه بنجا تنترا، أي الأبواب الخمسة. ويُقال إنّ ملك الفرس كسرَي آنوشروان (531-579م) لما بلغه أمرُه أراد الاطّلاع عليه للاستعانة به في تدبير شؤون رعيّته، فأمر بترجمته إلي اللغة الفهلويّة -وهي اللغة الفارسية القديمة-، واختار لهذه المهمة طبيبه برزويه لما عرف عنه من علمٍ ودهاء. إلّا أنّ برزويه لم يكْتفِ بنقل بنجا تنترا، بل أضاف إليه حكايات هندية أخرى، أخذ بعضها من كتاب مهاباراتا المشهور، وصَدّر ترجمته بمقدّمة تتضمّن سيرته وقصّة رحلته إلي الهند. وفي مُنتصف القرن الثامن الميلادي، نُقل الكتاب في العراق من الفهلوية إلي العربية، وأُدرج فيه بابٌ جديد تحت عنوان (الفحص عن أمر دمنة)، وأُلحقت به أربعةُ فصولٍ لم ترِدْ في النصّ الفارسي، وكان ذلك علي يد أديب عبقريٍّ يُعتبر بحقّ رائد النثر العربيّ، وأوّل من وضع كتابًا عربيًّا مكتملاً في السياسة، هو عبد الله بن المقفَّع.

كتاب كليلة ودمنة حافل بخرافات الحيوان لا يكاد يخلو منها باب من أبوابه حتى أبواب المقدمات وكل باب يحتوي على خرافة طويلة تتداخل فيها خرافات قصيرة تتفاوت طولا ترد في معارض استشهاد الشخصيات بها في محاوراتهم وتتداخل مع بعضها البعض أحيانا كما يتميز هذا الكتاب بأن أبوابه منتظمة على النحو التالي يبدأ دبشليم بقوله للفيلسوف بيدبا : عرفت هذا المثل ويشير إلى ما سبق في الباب الذي قيله أو بالقول: عرفت مثل فأضرب لي مثل فيعرض بيدبا ما يشبه العنوان المشروح المشوق لمعرفة المضمون ثم يسكت فيسارع دبشليم إلى السؤال: وكيف كان ذلك؟ وهنا يبدأ الفيلسوف مستهلا بالقول: زعموا ثم يبدأ في السرد.
كتاب كليلة ودمنة هو كتاب هادف فهو ليس مجرد سرد لحكايات تشتمل على خرافات حيوانية بل هو كتاب يهدف إلى النصح الخلقي والإصلاح الاجتماعي والتوجيه السياسي فباب الفحص عن أمر دمنة يتناول موضوع عبثية محاولات المجرم للتهرب من وجه العدالة وأنه لا بد أن ينال قصاصه العادل كما يتناول هذا الباب واجبات السلطة القضائية وباب الحمامة المطوقة الذي يدعو إلى التعاون وباب الأسد والثور يكشف عن خفايا السياسة الداخلية في الدولة وصراع السياسيين وتنافسهم ويقدم باب ايلاذ وبلاذ وايراخت توجيهات في أصول الحكم ويتناول باب البوم والغربان وباب الجرذ والسنور السياسة الخارجية ويقدم التوجيهات في هذا المجال وتقدم أبواب القرد والغيلم، الناسك وابن عرس، الأسد وابن آوى، اللبؤة والأسوار والشغبر، الناسك والضيف، الحمامة والثعلب ومالك الحزين عظات أخلاقية فردية متنوعة المواضيع.
من نفائس الأدب العالمي الخالدة. وقد سمي بعنوان أحد قصصه الهادفة في مجموعها للوصول إلى مطلب واحد هو إصلاح الملك الظالم، كغيره من الكتب التي كتبت على منواله. انظر فاكهة الخلفاء في هذا البرنامج. وهو يمهد للقصة بحكمة، ثم يجعل القصة تفسيراً لهذه الحكمة. كقوله: «إن الذي يعمل بالشبهة يكون قد صدق ما ينبغي أن يشك فيه ... كالمرأة التي بذلت نفسها لعبدها حتى فضحها.» وفكرة الكتاب قائمة على الحوار بين الفيلسوف بيدبا والملك دبشليم في سياق القصة الرئيسية التي انتظمت الكتاب والملخصة في عزم الفيلسوف الصابر على التصدي للحاكم الظالم وحماقاته، حتى نجح في تحقيق هدفه النبيل. وافتتحه بقصة برزويه الطيب الذي كان له الفضل في نسخ هذه القصة من إحدى خزائن ملوك الهند. ومهما قيل عن أصل القصة الهندي، وترجمتها الفارسية، فإن طابع الثقافة العربية ظاهر فيها، خاصة في باب الفحص عن أمر دمنة الذي أضافه عبد اللّه بن المقفع إلى الكتاب الأصلي قصد الإشارة إلى الثقافة العربيّة الإسلاميّة و مجدا للقارئ العربي الإسلامي. بل إن الأصل الهندي قد ضاع، وظلت الترجمة العربية هي المعول عليها في هذا الأثر النفيس كما يقول المرحوم عبد الوهاب عزام في مقدمة نشرته للكتاب معتمداً نسخة مكتبة آيا صوفيا، وقد كتبت عام 618ه‍. ويفصل ابن المقفع هدفه من هذه الترجمة تحت عنوان (غرض الكتاب) بأنه قصد به استمالة قلوب الملوك وأهل الهزل من الشبان، ليكثر انتساخه، ولا يبطل على مرور الأيام. ويدعو طالب الحكمة إلى إدامة النظر فيه، والتماس جواهر معانيه (ولا يظن أن مغزاه هو الإخبار عن حيلة بهيمتين، أو محاورة سبع لثور، فينصرف بذلك عن الغرض المقصود). وقد حذا حذوه كثيرون، لم تلق أعمالهم صدى يذكر. كترجمة عبد الله بن الأهواني، ومنظومة أبان بن عبد المجيد بن لاحق، الذي نظم كليلة ودمنة في 14 ألف بيت، وصلتنا قطعة منها في كتاب الأوراق للصولي، وحاكاه في ذلك شعراء آخرون، منهم: علي بن داوود وبشر بن المعتمر، وأبو المكارمأسعد بن خاطر. وقام بترجمتها إلى العبرية عليزار بن يعقوب (ت1232م) وهي غير ترجمة الحاخام يوئيل. وفي (بيروت 1964) أعاد إلياس خليل زاخر نشرة الكتاب معتمدا على نسخة أياصوفيا ونسخة مكتبة دير البشير بسوق الغرب، وقد كتبت عام 739ه‍ ومخطوطة نوري الكيلاني (حماة) المكتوبة عام 1200ه‍ ونسخة خليل اليازجي المعروفة بنسخة مكتبة صادر ببيروت، ونسخة المكتبة الأهلية ببيروت، المنقولة عن نسخة الشيخ جمال الدين القاسمي، وقد كتبت عام 1086ه‍. انظر مجلة العرب (س34 ص20).

مع تحياتي
وردة الاشعار

الثلاثاء، 22 مايو 2012

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كليلة ودمنة

 

أولاً:

أصل كتاب كليلة ودمنة الهندي:-

وقد اختلف في أصل الكتاب .. لكن الأبحاث الدقيقة تشير إلى أن أصل الكتاب هندي ، وقصة تأليف هذا الكتاب تعود إلى أن أحد الملوك الهنود واسمه) دبشليم) كان ظالما لرعيته ، فذهب إليه أحد الحكماء واسمه (بيدبا) لينصحه  فغضب(دبشليم) وأمر بحبس (بيدبا) لكنه بعد فترة جلس مع نفسه وفكر في كلام الحكيم) بيدبا) فعرف صدق ما قال ، فأمر به أن يحضر وحدثت مناقشة بينهم اقتنع فيها (دبشليم) بكلام (بيدبا) ومن بعدها أصبح (بيدبا) من خواص الحاكم (دبشليم) وفي أحد الأيام أمر (دبشليم) (بيدبا) أن يكتب له كتابا يخلد فيه ذكره عند الناس .. فجلس (بيدبا) مدة سنة كاملة يكتب في هذا الكتاب .. وعندما انتهى أمر الحاكم (دبشليم) )بيدبا( أن يقف وسط الناس ليقرأ ما كتب .. فأعجب الناس إعجابًا .

 

ثانياً:

ترجمته إلى العربية:-

ويُقال إنّ ملك الفرس لما بلغه أمرُه أراد الاطّلاع عليه للاستعانة به في تدبير شؤون رعيّته، فأمر بترجمته إلي اللغة الفهلويّة -وهي اللغة الفارسية القديمة-، واختار لهذه المهمة طبيبه (بَرْزَوَيْه) لما عرف عنه من علمٍ ودهاء. إلاّ أنّ (برزويه) لم يكْتفِ بنقل (بنج تنترا)، بل أضاف إليه حكايات هندية أخرى ، وصَدّر ترجمته بمقدّمة تتضمّن سيرته وقصّة رحلته إلي الهند. وفي مُنتصف القرن الثامن الميلادي، نُقل الكتاب في العراق من الفهلوية إلي العربية، وأُدرج فيه بابٌ جديد تحت عنوان (الفحص عن أمر دمنة)، وأُلحقت به أربعةُ فصولٍ لم ترِدْ في النصّ الفارسي، وكان ذلك علي يد أديب عبقريٍّ يُعتبر بحقّ رائد النثر العربيّ، وأوّل من وضع كتابًا عربيًّا مكتملاً في السياسة، هو (عبد الله بن المقفَّع).

 

ثالثاً:

سبب تسميته:-

وقد سمي الكتاب اسم أخوين من بنات آوي، وهما كليلة ودمنة وأخبارهما في بابين من أبواب الكتاب، و الكتاب عبارة عن خمسة عشر بابًا؛هما باب الأسد والثور، وباب الفحص عن أمر دمنة.. وأما بقية الأبواب فلا علاقة لهما بها. ومعنى هذا أنه صار تسمية الجزء باسم الكل، وهي طريقة درج عليها الكثيرون من الكتاب القدامى والمعاصرين.

 

رابعاً:

أسباب كتابته على ألسنة الحيوانات:-

ولما كان دبشليم قد طغى وتجبر، فلم يكن بالهند من يجرؤ على مواجهته سوى بيدبا أشهر حكماء عصره ورأس البراهمة، وقد مضى الحكيم إلى الملك باذلا النصح له. واقتضت حكمة بيدبا ألا يجعل كتابه في النصائح السياسية المباشرة وإنما جعل كلامه على ألسنة البهائم والسباع والطير ليكون ظاهر الكتاب لهوا للخواص والعوام وهم يتعجبون من أحاديث تجري على ألسنة الحيوان. أما باطن الكتاب أو ما يفهم منه، فهو رياضة لعقول الخاصة.و انبنى الكتاب على حكايات اتخذ فيها الحيوان بديلا عن الإنسان و دليلا عليه فقامت على الإيحاء بأسلوب رمزي مبطن بحيث لا يثير غضب الحاكم المستبد.

خامساً:

غاية ابن المقفع من هذا الكتاب:-

تبدأ مأساة ابن المقفع حين واجه كثيرا من الظلم في البلاد .فحاول ابن المقفع أن يفكر في وسيلة للإصلاح وحث الحكام على رعاية الناس وإتباع العدل والتوقف عن الفساد والظلم. فاتجه للأدب الهندي وقام بترجمة كتاب"كليلة ودمنة" فهذا الكتاب الذي ألفة الفيلسوف بيدبا ليقراه الملك دبشليم وجعل الحوار على السنة الحيوانات وكان الهدف من هذا الحوار هو تهذيب النفس وإرشاد الملوك إلى طريق الحق والعدل والخير وأفضل النظم السياسية وكيف يكون هناك وفاق بين الحاكم والرعية. ويقال أن هذا الكتاب أودى بحياة ابن المقفع إذ أدرك الخليفة ما يعنيه هذا الرمز فأمر سفيان بن معاوية بقتلة. فعندما ترجم كتاب "كليلة ودمنة", أوغر الحساد صدر الخليفة المنصور ضده وقيل أن ابن المقفع يعارض حكم الخليفة وينتقده, كذلك تم اتهامه بأنه يترجم كتباً تدعوا إلى الزندقة ومعارضة القران الكريم. فغضب الخليفة المنصور وأمر والي البصرة سفيان بن معاوية بقتله. و سفيان كان على خلاف دائم مع ابن المقفع فجاءت له الفرصة التي ينتظرها للانتقام من الرجل الذي كان يسخر منه ,فكان المقفع يقول لسفيان حين يراه أو يدخل عليه: السلام عليكما, ويقصد بذلك سفيان وانفه الطويل.و كتاب كليلة ودمنة هو كتاب هادف فهو ليس مجرد سرد لحكايات تشتمل على خرافات حيوانية بل هو كتاب يهدف إلى النصح الخلقي والإصلاح الإجتماعي والتوجيه السياسي فباب الفحص عن أمر دمنة يتناول موضوع عبثية محاولات المجرم للتهرب من وجه العدالة وأنه لا بد أن ينال قصاصه العادل كما يتناول هذا الباب واجبات السلطة القضائية وباب الحمامة المطوقة الذي يدعو إلى التعاون وباب الأسد والثور يكشف عن خفايا السياسة الداخلية في الدولة وصراع السياسين وتنافسهم ويقدم باب ايلاذ وبلاذ وايراخت توجيهات في أصول الحكم ويتناول باب البوم والغربان وباب الجرذ والسنور السياسة الخارجية ويقدم التوجيهات في هذا المجال وتقدم أبواب القرد والغيلم، الناسك وابن عرس ،الأسد وابن آوى، اللبؤة والأسوار والشغبر، الناسك والضيف، الحمامة والثعلب ومالك الحزين عظات أخلاقية فردية متنوعة المواضيع.

سادساً:

أسلوب ابن المقفع في هذا الكتاب:-

لهذا الاديب اسلوب خاص...نجد فيه افكارا متسقة وقوة منطق...والفاظا سهلة فصيحة منتقاة...قوية المدلول على المعاني. نجد فيه البلاغة بارفع درجاتها حتى ساد اسلوبه واحتذاه بلغاء الكتاب وظل سائدا حتى ظهر اسلوب الجاحظ.

وفي الختام أرجو أن يكون هذا البحث قد نجح في إلقاء بعض الضوء على هذا الكتاب الجميل .

 

                                                                       وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

مع تحياتي

 وردة الاشعار